الثلاثاء، 30 أبريل 2013

الميزان الحساس


الموازين والثقل النوعيأولى الفيزيائيون المسلمون الميزان عناية خاصة باعتباره أداة تتعدى وظيفتها الوزن؛ فقدأرادوه أداة عملية لتقدير الوزن النوعي للمعادن والسبائكوكانوا يعدون الميزان من عجائب النسبة، واخترعواموازين غاية في الدقة كانت نسبة الخطأ فيها أقل من أربعة أجزاء من ألف جزء من الجرامبل كانت لديهم موازينأدق من ذلك، إذ نجد أنه عندما وزن فلندرز بتري ثلاث قطع نقدية إسلامية قديمة، وجد أن الفرق بين أوزانها جزءمن ثلاثة آلاف جزء من الجرامولا يمكن الوصول إلى هذه الدقة في الوزن إلا باستعمال أدق الموازين من النوعالذي ينبغي أن يوضع في صناديق زجاجية حتى لا تؤثر فيها تموجات الهواء، مع إعادة الوزن مرارًاكمااستخدموا ميزان القبان والميزان الحساس في وزن جميع السلع ابتداءً من المجوهرات وانتهاءً بالمحاصيلالزراعيةوصنَّفوا في الموازين مؤلفات قيمة؛ فلثابت بن قرّة كتابان أحدهما في استواء الوزن واختلافه وشرائطذلك، والثاني في القرسطون (ميزان الذهب). ولأبي جعفر بن الحسن الخازن ميزان الحكمة الذي وصف فيهأشكالاً متعددة للموازين وصفًا دقيقًا مفصلاًومن الذين صنفوا مؤلفات في الميزان أيضًا، الكوهي، والفارابيوابن سينا، وقسطا بن لوقا، وابن الهيثم والجلدكي، واستخدموا لموازينهم أوزانًا منوعةوأفضل كتاب في هذاالمجال هو الذي وضعه عبدالرحمن بن نصر المصري للمراقب؛ أي المحتسب العام لأحوال السوق التجارية في عهدصلاح الدين الأيوبيوكانت صناعة الموازين حرفة في حد ذاتها؛ ذلك لأن التجارة كانت أحد المصادر الرئيسيةللاقتصاد الإسلاميوأوكل إلى والي الحسبة مراقبة الموازين والمكاييل، وفحص وسائل الغش في صناعتهاوأهمالسلع التي كانوا يتعاملون بالتجارة فيها الذهب، والفضة، والزبرجد، والياقوت، والماسلذا تحروا الدقة في صنعموازينها، بل حددوا الثقل النوعي لكثير منها باستخدام أجهزة اخترعوها لهذا الغرضومن الطريف أن العربعند بحثهم في خواص النسبة أشاروا إلى أن عمل القرسطون (القبانهو من عجائب النسبةفقد جاء في رسائلإخوان الصفا "… ومن عجائب خاصية النسبة ما يظهر في الأبعاد والأثقال من المنافع، ومن ذلك، يظهر فيالقرسطون؛ أعني القبان؛ وذلك أن أحد رأسي عمود القرسطون طويل بعيد من المعلاق والآخر قصير قريب منه.فإذا علق على رأسه الطويل ثقل قليل وعلى رأسه القصير ثقل كثير تساويا وتوازنا حتى كانت نسبة الثقل القليلإلى الكثير كنسبة بعد رأس القصير إلى بعد رأس الطويل من المعلاقوالمعلاق هنا هو نقطة الارتكاز. يتضحمن الجدول التالي وبمقارنة القيم التي توصل إليها العالمان المسلمان ـ البيروني والخازن ـ بقيم الوزن النوعيالتي حددت بالوسائل المعاصرة، أن قيمها قريبة جدًا من القيم الصحيحة.
وقد بنى الخازن كتابه ميزان الحكمة وكذلك ثابت بن قرة القرسطون على البراهين الهندسية، وكانت مسلماتهمانقطة الانطلاق في مؤلفات علماء النهضة في أوروباوهي مرحلة سابقة لكل من جاليليو في مؤلفه محاورات حولعلمين جديدين، وإسحق نيوتن في عمله الكبير المبادئ الرياضيةومن هذه المسلمات: 1ـ الأجسام الثقال قدتتساوى أثقالها وإن كانت مختلفة في القوة مختلفة في الشكل 2ـ الأجسام الثقال مختلفة القوى؛ فمنها ما قوتهأعظم، ومنها ما قوته أصغر، 3ـ كل مسافتين يقطعهما متحركان في زمانين متساويين، فإن نسبة إحدى المسافتينإلى الأخرى كنسبة قوة المتحرك في المسافة المستوية إلى قوة المتحرك الآخر، 4ـ كل خط ينقسم بقسمين متساويينويعلق في طرفيه ثقلان متساويان، فإن ذلك الخط إذا علق بالنقطة القاسمة له بنصفين، وازى الأفق. 5 ـ إن معرفةأوزان الأثقال المختلفة المقادير، تكون بتفاوت أجرام رطوبات يغاص فيها الموزون رقة وخثورًا.
بحث العلماء المسلمون أيضًا في الثقل النوعي، وعرَّفوا الثقل والخفة فقالوا إن الجسم إذا ما أخرج عن موضعهالطبيعي فاتجه نحو مركز الأرض؛ أي إلى أسفل يُسمّى ثقيلاً، أما إن هو اتجه نحو محيط العالم؛ أي إلى العلوسُمّى خفيفًاواستنبطوا طرقًا لحساب الوزن النوعي واخترعوا له الآلات، وقاموا بحساب ثقل عدد من الأجسامحسابًا يقارب التقدير الذي وصل إليه المعاصرون وأحيانًا يطابقه، وهم أول من وصل إلى نسب حقيقية بين وزنالأجسام المختلفة وبين وزن الماءوأول من بحث في الثقل النوعي سند بن علي في عهد المأمون (199ـ 218هـ،814ـ 833م)، ومن الذين بحثوا هذا الأمر ابن سينا أيضًاأما العالمان اللذان بزّا غيرهما في هذا المجال فهماالبيروني والخازنفقد قام البيروني بتحديد الثقل النوعي لبعض الفلزات والجواهر باستخدام جهاز مخروطيالشكل ذي مصب بالقرب من فوهته، بحيث يتجه هذا المصب إلى أسفلوكان يزن الجسم المطلوب قياس وزنهالنوعي وزنًا دقيقًا، ثم يدخله في جهازه المخروطي المملوء بالماء، وهنا يحل الجسم الذي أدخله في الجهاز محلحجم مساوٍ له من الماء الذي يفيض من المصب، بعد ذلك يقوم بوزن الماء المزاح، ومن ثم يحدد الوزن النوعي للجسمبحساب النسبة بين وزن الجسم ووزن الماء الذي أزاحهويعد الجهاز الذي اخترعه البيروني أقدم مقياس لتعيينكثافة المواد.
اكتشف البيروني أن هناك تباينًا في الثقل النوعي للماء، فقد وجد أن الثقل النوعي للماء البارد يزيد على الثقلالنوعي للماء الساخن بمقدار 0,041677؛ أي أن الماء يزيد حجمه بالتبريد بحوالي، 4,1667 %. إلى جانب أبحاثهفي الثقل النوعي للسوائل وغيرها، بحث البيروني في ميكانيكا الموائع؛ فشرح الظواهر التي تقوم على ضغطالسوائل وتوازنها، وشرح كيفية تجمع مياه الآبار والمياه الجوفية بالرشح من الجوانب، كما تحدث عن كيفية فورانالمياه وانبثاق النافورات وصعود مائها إلى أعلى.

أما الخازن فقد وصف ميزانًا غريب التركيب لوزن الأجسام في الهواء والماء، وقام باستخراج الوزن النوعي لكثيرمن المعادن والسوائل والأجسام الصلبة التي تذوب في الماء، ووضعها في جداول في غاية الدقة وصلت صحتهافي بعض الأحيان إلى درجة التطابق مع الوزن الحديثوقد أتقن قياس الثقل النوعي للسوائل حتى لم يتعد خطؤهفيه ستة من مائة من الجرام في كل ألفين ومائتي جرامانظر بعض هذا القياس في الجدول المبيّن هنا. يجب أنننظر إلى النسبة التي توصل إليها الخازن على أنها دقيقة جدًا إذا ما أخذنا في الحسبان دقة الأجهزة العلميةالحديثةكما أن الاختلاف الطفيف بين ما وصل إليه الخازن وما وصل إليه المعاصرون يمكن تعليله؛ فمياه البحرتختلف في مقدار ملوحتهافالبحار الداخلية ـ كالبحر الميت وبحر قزوين ـ تكون نسبة ملوحتها أكثر، وبالتالي أثقلمن مياه البحار المفتوحة كالمحيطاتكما أن الثقل النوعي للحليب يختلف باختلاف الأبقار والمراعي، ولم يذكرالخازن مياه البحر التي وزنها ولا نوع وعدد البقر الذي أجرى عليه التجارب.

هناك تعليق واحد:

  1. ميزان حساس الكترونى فى فاترينا دوت كوم دليل عام واكبر محرك بحث محلى فى مصر
    https://www.vatrena.com/k/2149


    ميزان معمل حساس تجدة فى فاترينا دوت كوم دليل عام واكبر محرك بحث محلى فى مصر
    https://www.vatrena.com/k/2150

    ردحذف